سورة محمد - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (محمد)


        


قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} لما ذكر الله عز وجل الكفار بسبب مشاقتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الله المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم قال تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم} قال عطاء: يعني بالشرك والنفاق والمنى. داوموا على ما أنتم عليه من الإيمان والطاعة ولا تشركوا فتبطل أعمالكم. وقيل: لا تبطلوا أعمالكم بترك طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أبطل أهل الكتاب أعمالهم بتكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصيانه. وقال الكلبي: لا تبطلوا أعمالكم بالرياء والسمعة لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم. وقال الحسن: لا تبطلوا أعمالكم بالمعاصي والكبائر. قال أبو العالية: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضرهم مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل فنزلت هذه الآية فخافوا من الكبائر بعد أن نحبط أعمالهم واستدل بهذه الآية من يرى إحباط الطاعات بالمعاصي ولا حجة لهم فيها وذلك لأن الله تعالى يقول: {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} وقال تعالى: {وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً} فالله تعالى أعدل وأكرم من أن يبطل طاعات سنين كثيرة بمعصية واحدة وروى ابن عمر أنه قال: كنا نرى أنه لا شيء من حسناتنا إلا مقبولاً حتى نزل {ولا تبطلوا أعمالكم} فقلنا ما هذا الذي يبطل أعمالنا. فقلنا: الكبائر والفواحش حتى نزل {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فكففنا عن ذلك القول وكنا نخاف على من أصاب الكبيرة ونرجو لمن لم يصبها واستدل بهذه الآية من لا يرى أبطال النوافل حتى لو دخل في صلاة تطوع أو صوم تطوع لا يجوز له إبطال ذلك العمل والخروج منه ولا دليل لهم في الآية ولا حجة لأن السنة مبينة للكتاب «وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح صائماً فلما رجع إلى البيت وجد حيساً فقال لعائشة قربيه فلقد أصبحت صائماً فأكل» وهذا معنى الحديث وليس بلفظه وفي الصحيحين أيضاً أن سلمان زار أبا الدرداء فصنع له طعاماً فلما قربه إليه قال. كل فإني صائم قال لست بآكل حتى تأكل فأكل معه وقال مقاتل في معنى الآية لا تمنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبطل أعمالكم نزلت في بني أسد وسنذكر القصة في تفسير سورة الحجرات إن شاء الله تعالى: {إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم} قيل نزلت في أهل القليب وهم أبو جهل وأصحابه الذين قتلوا ببدر وألقوا في قليب بدر وحكمها عام في كل كافر مات على كفره فالله لا يغفر له لقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} {فلا تهنوا} الخطاب فيه لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم هو عام لجميع المسلمين يعني فلا تضعفوا أيها المؤمنون {وتدعوا إلى السلم} يعني ولا تدعوا الكفار إلى الصلح أبداً منع الله المسلمين أن يدعوا الكفار إلى الصلح وأمرهم بحربهم حتى يسلموا {وأنتم الأعلون} يعني وأنتم الغالبون لهم والعالون عليهم.


{ها أنتم هؤلاء} يعني أنتم يا هؤلاء المخاطبون الموصفون ثم استأنف وصفهم فقال تعالى: {تدعون لتنفقوا في سبيل الله} قيل أراد به النفقة في الجهاد والغزو وقيل المراد به إخراج الزكاة وجميع وجوه البر والكل في سبيل الله {فمنكم من يبخل} يعني بما فرض عليه إخراجه من الزكاة أو ندب إلى أنفاقه في وجوه البر {ومن يبخل} يعني بالصدقة وأداء الفريضة فلا يتعداه ضر بخله وهو قوله تعالى: {فإنما يبخل عن نفسه} أي على نفسه {والله الغني} يعني عن صدقاتكم وطاعتكم لأنه الغني المطلق الذي له ملك السموات والأرض {وأنتم الفقراء} يعني إليه وإلى ما عنده من الخيرات والثواب في الدنيا والآخرة {وإن تتولوا} يعني عن طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وعن القيام بما أمركم به وألزمكم إياه {يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} يعني يكونون أطوع لله ورسوله صلى الله عليه وسلم منكم. قال الكلبي: هم كندة والنخع من عرب اليمن. وقال الحسن: هم العجم. وقال عكرمة: هم فارس والروم.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: «تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} قالوا ومن يستبدل بنا قال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان ثم قال هذا وأصحابه» أخرجه الترمذي وقال حديث غريب وفي إسناده مقال وله رواية أخرى عن أبي هريرة قال: قال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله عز وجل إن تولينا استبدلوا منا ثم لا يكونوا أمثالنا قال وكان سلمان بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان فقال: «هذا وأصحابه والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس» ولهذا الحديث طرق في الصحيح ترد في سورة الجمعة إن شاء الله تعالى والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده.

1 | 2 | 3 | 4